عــودي نفسـك على الاحتسـاب فـي كـل شيء ، كل شـيء . . . فلا يغلبـك
الشيطـان و ينسيـك الاحتسـاب فتكـونـي من الغافلات فتذهب أيـامك هدراً
و أعمـالك سدى . . . و الغفلـة أعـاذنـا الله و إيـاك منهـا هـي
" أن لايخطـر الشيء ببالك " . . . وهـي " إبطـال الوقــت بالبطـالة " . . .
قال الله تعالى : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }
فالغـافلـة لهـا عيـن ولكنهـا لا تبصـر بهـا الحـق بـل تبصـر مـا يحـلو لهـا فقط !
والغافلـة لهـا أذن ولكنهـا لا تسمـع بهـا الخيـر بـل تسمـع مـاترغـب فيه فقط !
ومـن هنـا نزلت إلـى منزلـة أقـل من منزلة البهـائمـ لأن الله أعطـاها العقـل
الذي فضلهـا به على غيرهـا من المخلوقـات ولكنهـا غفلت عن كيفية الإستفادة
منـه فـي التقـرب إلـى الله وكسب رضـاه . . .
فالغفـلة تبلد الذهـن وتسد أبواب المعـرفـة وتبعد العبد عن الله - عزوجل -
وتجـره إلـى المعاصي و تنزل الهم و الغم إلى القلب و تبعد عنه الفرح و السرور
" تميت القلب " وهــي تجلـب الشيطان و تسخـط الرحمن "
[ نضرة النعيم ( 11\5108)]
قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
فـاتقـي الله . . . و انظـري مـاذا قدمـت مــن الأعمـال ليـوم القيـامـة ، فمهمـا
طـال بقاؤك فـي الدنيـا فلا بد من الرحيـل شئت أم أبيت . . .
{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
" أي تركوا أمـره ، أو مـا قدروه حـــق قــــدره ، أو لم يخـافــوه ، أو جميـع ذلك
قال الله تعالى : { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ }
أي جعلهـم ناسيـن لها بسبب نسيانهـم له ، فلـــم يشتغلـوا بالأعمــال التي تنجيهـم من العذاب ، ولم يكفـوا عن المعاصي التي توقعهـم فيــه . . .
قال الله تعالى : { أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
أي الكاملون في الخروج عن طاعة الله
[ ينظر فتح القدير \ 5]
ولعـل مما يعينـك على ألا تنسـي نفسـك من العمـل الصالح ، إحتسـاب الثواب
مــن الله فـي جميـع ماتقومين به فـي يومـك وليلتـك وحتـى أثنـاء نومـك . .
و بعـد إحتسـاب الأعمـال ابذلـي جهـدك في المحافظة على ثوابك بالبعد عن الريـاء والسمعة ، خـاصة إذا لم يكـن هنـاك شـيء يستدعـي أن يظهـر الإنسـان
أعمـاله الصالحـة و يتكلم بهـا ، تأسيـا بسلفنـا الصالح . . .
فعن أبـي بردة ، عن أبيه موسى الأشعـري - رضي الله عنه - قال : خرجنـا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ، ونحن ستة نفر ، بيننا بعير نعتقبه ، قال : فنقبت أقدامنـا ، فنقبت قدمـاي ( أي تقرحت من كثرة المشي حفاة ) و سقطت أظفـاري ، فكنـا نلف على أرجـلنا الخرق فسميت غزوة ذات الرقاع ،
لمـا كنا نعصب علــى أرجلنـا من الخرق [ صحيح البخاري ، ( 7\ 417) ح :4128]
قال أبـو بردة : فحدث أبو موسى بهذا الحديث ، ثم كره ذلك ، قال : كأنه كره أن
يكـون شيئـا من عمله أفشــاه .
هذا والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ومـاكان
مــن الصواب فلله الفضل وحده ، و ماكان من الخطأ فالله و روسوله منه بريئان
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم .